للإشتراك بالقائمة البريدية,ضع بريدك هنا :

الكتب المفضلة

- طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- أم القرى
المؤلف : عبد الرحمن الكواكبي
- الإنسان ذلك المجهول
المؤلف : ألكسيس كاريل
- قصة الحضارة
المؤلف : ويل ديورانت
- تاريخ موجز للزمن
المؤلف : ستيفن هوكنج
- شروط النهضة
المؤلف : مالك بن نبي
- المفاوضات السرية بين العرب واسرائيل
المؤلف : محمد حسنين هيكل
- اختلاف المنظر النجمي
المؤلف : الان هيرشفيلد
- الاعمال الكاملة
المؤلف : المنفلوطي
- المقدمة
المؤلف : ابن خلدون

..... لقراءة البقية

لتحميل كتاب الغرباء

تحميل كتاب مفاهيم في الإدارة

تحميل كتاب : كيف تقرأ؟ كيف تكتب ؟

المواضيع الاخيرة

المتابعون

QR Code

qrcode

هل قتل الصحفي المؤرخ؟




مهنة الصحافة مهنة حديثة نشأت بسبب تطور تكنولوجيا الاتصال في العالم الحديث, لذا إن كان لنا أن نقارنها بشيء من الماضي فلا نجد ما نقارنها به إلا وظيفة المؤرخ, خصوصاً عندما يكتب هذا المؤرخ أحداثاً معاصراً لها, بصفته شاهداً عليها, وهي تعتبر في عرف الباحثين من المصادر ذات الأولوية على غيرها.
في بحث المؤرخ عن الماضي اليوم يجد أمامه مصادر تعتمد على مدونات مكتوبة, بعضها لم يكتب بقصد التأريخ وإنما بقصد عقد الصفقات أو تثبيت المعاهدات, إلا أنه يمكن الإستناد عليها للوصول إلى نتائج متعددة, كنوع اللغة السائدة والحدود السياسية وتسمية الملوك ونتائج أخرى كثيرة, إلا أننا نجد بعضها يناقض بعضاً في أحيان متعددة, فالفرعون يدعي في آحد النصوص التي عثر عليها في مصر أنه هزم جيوش الحثيين في سوريا في حين أن نصوص الحثيين التي وجدت في عاصمتهم تدعي أنهم هزموا الفرعون واستولوا على سوريا حتى دمشق !
ولحل هذه المشكلة يجد المؤرخ نفسه في مأزق البحث عن مصادر أخرى لترجيح آحد الرأيين على الآخر, وهذه طريقة المنهج الحديث, في حين كان يعتمد المنهج القديم قبل القرن التاسع عشر على الرواية المكتوبة منذ بدأها هيرودوت مروراً بمؤرخي اليونان والرومان وغيرهم من الحضارات حتى مؤرخينا المشهورين كالطبري وابن كثير.وهم في تأريخهم للماضي يعتمدون على الرواية, وفي تاريخهم للحاضر أيضا يعتمدون على الرواية إلا في حالات مستثاة عندما يكون المؤرخ قريباً جداً من الحدث بحيث يشاهده رأي العين أو على الأقل يشاهد ويسمع الأشخاص الذين تدور حولهم الأحداث.
في يومنا هذا أصبحت وسائل التواصل متاحة للجميع فلا يكاد يقع حادث في أقصى الكرة الأرضية إلا ويعرف به الملايين من الناس حول العالم, وهم لا يعرفون به معرفة السامع بل معرفة الرائي ! وهذا بلا شك أمر إيجابي للوصول إلى حقيقة الأشياء أو الأحداث إن كان هناك حقيقة يمكن الوصول لها.
لكن تعدد مصادر الخبر, واختلاف طريقة رواتيه تدفع المتلقي أحياناً للكفر بكل هؤلاء الناقلين, الذين يروون حدثاً واحداً بصيغ متناقضة ولا سبيل إلى ترجيح احداها على الآخرى إلا إن كان سبب الترجيح أمر شخصياً جداً, كميول المرء أو اقتناعه بالمصدر.
ويمكن القول أن الصحفي اليوم احتل وظيفة المؤرخ فهو يكتب لا للحاضر فقط وإنما للمستقبل, فكل ما يكتب اليوم يمكن اعتباره بعد مرور ألف عام من اليوم على أنه رواية معاصرة تتمتع بقيمة معتبرة بين الروايات الأخرى. إلا أن الحقيقة أنه هناك فرق جوهري بين المؤرخ والصحفي هو ان المؤرخ يكتب وهو يدرك أنه يكتب للأجيال القادمة أكثر مما هو يكتب للمعاصرين له الذين قد لا يتفقون مع روايته للأحدث, في حين أن الصحفي يكتب وهو يعلم أن المهم هو قراء جريدته في صباح اليوم التالي, وهو يداري من جهة ردود فعلهم فلا يكتب ما يغضبهم وهو يداري السلطة التي يكتب في كنفها, فلا يمكنه الاستمرار والكتابة في اليوم التالي إن اغضبها.
وهو في ظل هذه المداراة في كرب كبير, فكيف ستمر الحقيقة عارية من بين هذه السكاكين بلا تقتطع من أطرافها.عدا عن كون الصحفي أيضاً إنما يتلقى الخبر غالباً من مصادر صحفية أخرى وهي أيضاً عرضة للتشويش والتوجيه الاختياري أو القسري.
ولنأخذ مثلاً معاصراً أحداث الحادي عشر من سبتمبر التي يضعها كثير من مواطني الدول العربية تحت إعادة النظر بعد أن تكشف أن لها توابع أكبر مما كان يظن في حينها, فإننا نجد أن الرواية الأمريكية -ورواية القاعدة ايضا- وهما طرفا المسألة اعتبرت هي الرواية الثابتة الحقيقية, في حين كان هناك أصوات في الخلفية تنادي بنظرية أخرى أعتبرت لأسباب ما نظرية مهرطقة. أما اليوم وعندما يضع الباحث في المسألة الأدلة من كلا الطرفين يجد نفسه في نفس الموقف من الانتصار الذي يدعيه كل من الفرعون والملك الحثي.
إن كان للحقيقة ألف وجه فلكل وجه ألف راو, وإن كان الصحفي قد قتل المؤرخ وجلس مكانه,فإنه مما يدعوا إلى الأسف أن الصحفي غالباً ما يركض وراء السبق, فهو في سباق, وهذه السرعة لا تمكنه من البحث العميق المتأني الذي تمتع به المؤرخ, ومن جهة أخرى فكثير من الوثائق ذات الأهمية البالغة أصبحت تحفظ في الأرشيف الحكومي للدول فلا يفرج عنها إلا بعد مرور نصف قرن أو أكثر, وقد لا يفرج عنها إطلاقاً, فنحن اليوم نعرف عن الثورة البلشفية أكثر من الناس الذين عاشوا في ظل الاتحاد السوفييتي.إلا أن كثرة المصادر و اختلافها قد لا تكون ايجابية دائماً فمن يكتب عن واترلوا يمكنه تكوين صورة عامة من خلال منهج يتبناه أو على الأقل محاولة الوصول إلى صورة متوازنة, أما من يكتب عن الحرب العالمية الثانية فيجد نفسه أمام آلاف المصادر النازية وآلاف المصادر المضادة, فحتى وإن كانت النازية بصورتها السلبية إلا أنها تستحق أن تروي رواياتها أيضاً.
أتمنى أن لا يقتل الصحفي المؤرخ, وأن يبقى هناك من يكتب ويدفن كتابته للمستقبل,حتى وإن كان الصحفي نفسه يبدو وقد نشر على المذبح, فالجميع اليوم أصبحوا صحفيون ومراسلون




0 التعليقات:

إرسال تعليق

من أنا ؟!

صورتي
shalan
عندما أعرف سأخبركم !
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

آخر التغريدات من تويتر

ارشيف المدونة

مدونة محطات سابقاً

المشاركات الشائعة

للتواصل